بغض النظر عن العنوان… المهترئ! بس والله يا جماعة دي الحقيقة. البنات والستات المستقلين بيعانوا، خصوصًا في مجتمع أفكاره الأبوية مترسخة، وبالنسبة له طبيعية جدًا بحجة هذا ما وجدنا عليه أباؤنا.
أنا عارفة إني الدنيا غمقت مني حبتين في أول سطرين، بس دعونا عزيزي القارئ نناقش الاستقلالية من وجهة نظري المتواضعة، لأني عايشاها، وبنات كتير كمان حواليّا عايشينها، وبالمرة نسيبنا من الكلام النظري والمجعلص.
أنا من مدينة صغيرة وفرصها قليلة؛ أسمها بورسعيد. وبحكم إني شخص طموح، ماكنتش المدينة مناسبة ليا إني أبدأ فيها تحقيق أحلامي. فطبيعي سيبتها ورحت القاهرة. وما أدراك ما هو الاستقلال في القاهرة… أو في أي حتة والله!
كانت أول تجاربي في العيشة لوحدي، العيشة في دار مغتربات؛ يعني الدخول بميعاد والنزول بميعاد، وإللي طالع وإللي نازل له كلمة عليا والذل إللي بواجهه لو حصل وإتأخرت لأي ظرف. ما هو مايهمش بقى أنتي كنتي عند دكتور، في مستشفى، مع أهلك، في شغل… المشكلة الأكبر انك اتأخرتي!!! دي مصيبة في حق الدار، هتجلبي لهم العار والفضيحة والسمعة اللي مش ولابد، شكلنا إيه قدام عم محمد البواب!!! ده غير بقى التحكم في كل حاجة؛ في اللبس، في الشكل، وأحيانًا المواصلات! ما هو إزاي تركبي مع واحد غريب عرفتيه من على النت، اللي هو أوبر يعني!
مفيش أسهل من أن أي حد يتكلم على واحدة مغتربة أو واحدة مستقلة في المطلق و عايشة لوحدها ، وصدقوني حجته بتكون منطقية جدًا للي حواليه، لأنها بالنسبة لهم مهملة من أهلها، مالهاش حد ياخد حقها، أو يسأل عليها. عشان كده بيقوموا هم بدور الوصاية عليها. كإن مثلًا البنت مالهاش كبالن، فهتسوق في الغلط لو عاشت من غير وصاية!
فا في الطلعة والنازلة أسئلة من إللي قلبك يحبها؛ رايحة فين، راجعة إمتى، هتعملي إيه، وصدقوني أحيانًا مع مين! ده غير النظرات حتى لو جايبة لنفسي كيلو بطاطس.
وده مش بس مع موظفين الدار، لأ ده مع بتاع الكشك إللي على ناصية الشارع، والكهربائي، والسباك، وبتاع السوبر ماركت، والسواقين إللي بقابلهم لمرة واحدة في حياتي، وأهالي صحابي، ومديري في الشغل، أي حد معدي كده له الحق انه يتحكم فيا. أصل يا جماعة أنا أمانة… جوهرة مصونة مكنونة، فلازم كله يحافظ عليا… أمال إيه؟! ده مش هزار، دي حقيقة، أنا تقريبًا بسمع الجملة على الأقل مرة في الشهر! ده غير إن دي أصلًا بتكون حجة لإني مثلًا أشتغل ساعات زيادة، أعمل مشواير لحد، “أصل يا منة انتي قاعدة لوحدك فيها إيه يعني لما تطولي شوية!”.
والأصعب بيكون الخوف، أنا طول الوقت خايفة لأي حد يستغل إني قاعدة لوحدي بأي شكل. أخاف حتى لو عييت، أطلب دكتور يجيلي البيت وأنا لوحدي، أخاف من بتاع الدليفري، بتاع الخضار أو السوبر ماركت أو حتى البواب. أتظاهر بإن بابا معايا في البيت خوف على “سمعتي” إللي هتكون لبانة للي مايسواش، لو طلبت ماكدونالز الساعة 2 بالليل. الخوف والقلق من إني لو اتأخرت، هنام في الشارع. وكأني مش بني آدم، مالوش حق يطلب حقوقه في عيشة مرتاحة أو حتى يحس بالأمان.
والله يا جماعة أنا مش بحكي فيلم الذئاب في السهرة مثلًا، ده واقع بنعيشه! الخوف جزء لا يتجزأ من حياة أي بنت مستقلة، حتى لو كانت أجمد الجامدين.
البنت المستقلة مش بس بتضحي بعيشة مرتاحة وسط أهلها في سبيل حلمها، دي بتضحي بأهم عنصر لحياة آدمية وكريمة… الأمان! الأمان اللي يعتبر من الاحتياجات الأساسية لكل بني آدم. وده اللي كنت أقصده عزيزي القارئ في بداية المقال بالمعاناة اللي بنعيشها بسبب المجتمع الأبوي. لأن المجتمع الأبوي مش مجرد مصطلح بيتردد على لسان الفيمينستس وخلاص! ده سرطان في العقول بيعاني منه مش بس البنات أو الستات لأ صدقوني والرجالة كمان، بس نبقى نناقش ده بعدين… يلا سلاموا عليكوا!
Comments
0 comments