مش عارفة أبدا منين الحكاية، قصتي مع التبني أو الكفالة بمفهومها الإسلامي بدأت من ست سنين، لما كفلت أنا وجوزي محمد ابننا الوحيد مصطفى. ي
ومن أنا صغيرة كنت بحلم يكون عندي أطفال كتير، كنت الكبيرة في عيلة بابا وماما، وكان الكل عارف إني هتجوز وهملى بيت العيلة أطفال. ل
إتجوزت فعلا وأنا صغيرة في أول العشرينات، وسافرت مع جوزي سان فرنسيسكو، مع جوزاي الأول كل حاجة اتغيرت، غيرت كريري من السياحة، ودرست عن علم “نمو الطفل”، وبعدها فتحت حضانة للأطفال، بعدها عرفت إن عندي الانتباذ البطاني الرحمي، وده مرض مزمن بيخلي أنسجة شبه الرحم تتكون خارج الرحم في أماكن زي قناة فالوب والمبيضين، وعلشان كده حظوظي في الحمل ضعيفة جدا. ا
طبعا مفقدتش الأمل، ودخلت في دوامة التلقيح الصناعي ١١ سنة جربت فيهم ٤ مرات، الفترة دي استهلكتني ماديا وعاطفيا وانتهت بطلاقي في ٢٠٠٤، علشان أبدأ بعدها فصل جديد في حياتي. ا
رجعت مصر وحبيت أبعد عن الأطفال شوية، واشتغلت في الجامعة الأمريكية. ا
في ٢٠١٢، حياتي اتغيرت ١٨٠ درجة بعد ما قابلت محمد العراقي واتجوزنا، رغم أن عنده بنتين من جوازة سابقة لكن هو اللي فتح عيني على الكفالة، كان عارف أن حياتي كلها بتتمحور حوالين الأطفال، وإن عمري ما نسيت حلمي إن أكون أم، وبنفسه بدأ يدور ويسأل علشان يعرف كل حاجة عن الكفالة في مصر. ل
سنة كاملة لحد ما خلصنا الأوراق والإجراءات، وأخيرا بقى متاح لنا أننا نكفل طفل بعد ما جالنا جواب المشاهدة، في الوقت ده كل مشاعر الخوف والقلق اللي في الدنيا اتملكتني، فضلت أسأل نفسي كتير، يا ترى أن قد ده؟ هل هعرف أربي طفل وألعب معاه وأنا عندي ٤٥ سنة؟ أكمل لوحدي ولا أسعى ورا حلم الأمومة؟ في الآخر تشجيع محمد ورغبتي أن أكون أم انتصروا، وبدأنا نلف دور الرعاية علشان نختار ابننا. ا
في الأول كنت بحلم يكون عندنا بنت جميلة سمرا تكون شبهنا أنا ومحمد، طول السنين اللي فاتت كنت بجمع لبس بنات على أمل أن ربنا يكرمني وأخلف، بس ده متحققش، كنت دايما أروح الدور اللي فيها بنات بس، وعلطول كنت بزور دار أيتام في المعادي، في الأول كنت حاسة أنه لما أختار البيبي قلبي هيتخطف بس ده محصلش، اخترت بنت سمرا شبهنا بس محستش بأي حاجة وقلت يمكن الإحساس ده عادي، لحد ما عرفت إن في بنت وولد جايين تاني يوم، عملت حسابي إني هاجي تاني يوم علشان أشوف البنت، بس لما شفتها للأسف طلعت شقرا وعيونها زرق مش شبهنا خالص، لوهلة فقدت الأمل في إني ألاقي الطفل اللي بحلم بيه، بس المفاجأة إني لما بصيت على السرير التاني كان الولد اللي فيها مفتح عينه قوي وبيبصلي جامد، قلبي اتخطف، وعرفت أن هو ده ابني، متحركتش من جبنه فضلت شيلاه خمس ساعات بأكله وأشربه وأغيرله، خفت حد تاني ياخده، وفضلت وراهم لحد ما غيروا اسم البيبي بدل اسم البنت اللي كنت استقريت عليها. ا
لما بلغت جوزي وأهلي وأصحابي أني اخترت ولد محدش صدقني، كلهم كانوا عارفين إني نفسي في بنت بس ده اللي حصل مصطفى كان نصيبي. ا
كنت عايزة أعيش تجربة الأمومة كاملة، رحت لدكتور نسا وبدأت كورس إرضاع صناعي، ولما أخدنا مصطفى البيت، حياتي اكتملت، أخيرا بقى عندي أكتر حاجة اتمنتها، الناس اللي حواليا طول الوقت كانوا فاكرين إني عندي كل حاجة شغل كويس بسافر علطول شكلي أصغر من سني الحقيقي، بس طول الوقت كان في حاجة ناقصة، حاجة مخلياني مش حاسة بقيمة الحاجات التانية الموجودة، لما مصطفى دخل حياتي اكتملت بوجوده، رغم أنى تخنت وخوفي وقلقي زاد عليه وعلى مستقبله بس أن فرحانة بتجربة الأمومة البديلة، الكفالة فعلا مش سهلة بس مستهلة كتير، طول الوقت ببصله وابتسم وأسال نفسي يا ترى أن عملت أيه حلو في حياتي استاهل عليه كل ده. ا
بعد ٤ شهور سافرنا أمريكا تاني ومعانا أحدث فرد في عيلتنا الصغيرة، موضوع السفر دخلنا في متاهة جديدة إجراءات تانية علشان مصطفى يكون معانا، ولحد دلوقتي لسه الورق مخلصش. ا
انا مؤمنة بالصراحة الكاملة علشان كده بشارك تجربتي مع كل الناس في العيلة والشغل وعلى السوشيال ميديا، علشان كده عملت صفحة اكفل طفل في بيتك وبحضر دلوقتي لموقع بالعربي والإنجليزي عليه كل المعلومات عن الكفالة، نفسي الناس تعرف أن في كفالة في مصر، نفسي كل الأطفال تلاقي بيت يحتويها وحضن يضمها وحياة أسرية طبيعية، كمان كل يوم بليل قبل ما ينام بحكي لمصطفى قصته الحقيقية، علشان يبقى واعي ومدرك لكل حاجة، ومتأكدة أنه لم يكبر هيساعدني في ده، هو بيحب باباه قوي وبيعتبره مثله الأعلى دايما محمد معاه بيعلمه كل حاجة بيحبها كورة وسباحة ومبيقلش لا على حاجة، ومحمد شعوره مختلفش معاه عن بناته الاتنين دايما يقول أنه حاسس أن مراته كانت حامل ورجع من السفر لاقها جبتله ولد جميل كمل حياتهم. ا
مصطفى نفسه نكفل أطفال تانين، وأنا كمان لو كنت عرفت عن الكفالة بدري كنت كفلت أطفال أكتر، علشان كده الناس في مصر محتاجة يكون عندها وعي أكبر عن الموضوع علشان نساعد أطفال أكتر. ل
Comments
0 comments