Woman traveler walking alone with suitcase bag. Travel weekend vacation trip.
in ,

!كنت عايزة آهج من البلد دي

أول ما قالولي هنتكلم عن الفرصة التانية الإسبوع ده، عزيزي القارئ، أول حاجة جت في دماغي هي العلاقات، وقد إيه أنا شخص صارم جدًا في النقطة دي. ما أكيد مش هدي لحد فرصة تانية إلا للشديد القوي. بس فكرت للحظتين ونص كده، لاقيت إنه ليه لازم الفرص التانية تكون في العلاقات بس؟ وليه تتربط الفرص التانية بأشخاص أصلًا؟ وفكرت لحظتين ونص كمان، لاقيت إني أصلًا في الوقت الحالي بدي فرصة تانية.. بس لمكان!

أنا اتولدت في مدينة جميلة تُسمّى ببورسعيد الباسلة، عشت فيها 17 سنة. وبصراحة مرحلتي الطفولة والمراهقة اللي قضيتهم هناك مش اللي يخلوني أحب البلد أو حتى أتعلق بيها، لإني للأسف كنت حاسة بغربة طول الوقت؛ وسط ناسها اللي حبة منهم هما حبة من أهلي وصحابي. كنت دايمًا متأكدة إن المكان ده مش مكاني. تقول لي عزيزي القارئ: مفيش انتماء خالص كده؟ أقول لك: بصراحة آه! لإني كنت طول الوقت مش عارفة ألاقي نفسي، خصوصًا مع الناس اللي حواليا، توهاني بيزيد وسطهم، مش حاسة إني شبههم! وإحساس بالوحدة قاسي جدًا على طفلة.

وعلى هذا الأساس، بقي عندي تروما، أو صدمة قمر صغيرة كده، فضلت تكبر مع الوقت لغاية ما الوضع وصل إني فعلًا مش قادرة أكمل، وتخيل بقي كم الدعوات بتمنى فيها من قلبي إني أهج من البلد دي.

وفعلًا هجّيت! دخلت الكلية اللي بحلم بيها، في المدينة اللي بحلم أعيش فيها! القاهرة.. العاصمة.. جوهرة الشرق! 

معلش سيبوني أعبر بدراما شوية، لإن ده كان حلم حياتي يا جماعة برضه!

وللأمانة عزيزي القارئ، ده كان أحسن قرار أخدته في حياتي، تقول لي: ليه؟ أقول لك ببساطة لإن بورسعيد مابقتش مكاني الأساسي. بقي ليا حياة تانية مع ناس تانية، وقد إيه ده أصلًا فرق في تقبل حياتي الأولانية -تفصيلة عالماشي هنرجع لها في الآخر- ده غير إني بقيت على الأقل بحس إني في مكاني الصح، وسط ناس صح، بيطلعوا أحسن ما فيا من غير مجهود، مش هكون ببالغ لو قلت إنهم ساعدوني أكون الشخص اللي بحلم أكونه منذ الطفولة. لاقيت اللي كنت بدور عليه في بلدي ومش لاقياه، تقبل وأمان!

وكنتيجة طبيعية، كرهت بورسعيد أكتر، مش بس لإني مالقتش فيها اللي لاقيته في مكان تاني، لإنها من غير وعي مني ارتبطت أكتر بالصدمة اللي سابتها في الأول. ده غير إنها بقت مرتبطة عندي بالحياة العادية، اللي يمكن ضيقة حبتين. وكشخص خرج من عباءة بلده الضيقة لإسدال القاهرة المهرول، الخنقة كانت بتزيد أكتر مع كل مرة أرجع فيها للعباءة. ولإن ربنا رحيم بيا، رزقني بعائلة صغيرة تهون عليا كتير. 

وعدى الوقت، واتخرجت واشتغلت، وبقي ليا حياة متكاملة في القاهرة، ولسه مش قادرة أحب بورسعيد! 

حتى ضربنا فيروس كورونا المستجد، اللي طبعًا قعّد الكل في بيته. وها أنا ذا عزيزي القارئ واحد لواحد مع خوفي الأكبر” أنا.. هستقر.. لفترة.. في بورسعيد.. مش عارفة آخرها”. كنت بصراحة فوق السما إني مع أمي طول الوقت، بس لسه أنا بكره البلد دي، مش قادرة أتقبل العيشة، العباءة كانت ضيقة جدًا المرة دي، من غير مقاس أكبر! 

ولإني كنت قدام الأمر الواقع كده في وشه، اضطريت إني أجيب مقص، وأوسّع العباءة. بالمعنى البلدي بتاعنا يعني ” أتأقلم”، فقررت أعمل كل الحاجات اللي بحبها في البلد دي، وأربطها بذكريات جديدة، من غير ناس حواليا يرجعوا لي أحاسيسي القديمة.

ومن هنا إديت لبلدي فرصة تانية، وبدأت أشوف جمالها من غير شبورة، فبدأت أصاحبها، أتمشى بقي أروح البحر شوية، عالكورنيش أقزقز لب وأشرب مانجة.. كده! يمكن لسه مش قادرة أحس إني بنتمي ليها، بس على الأقل قدرت أتقبلها، وأشوفها بعين جديدة، أكيد من الظلم إني أربطها بأشخاص هي مالهاش ذنب في وجودهم في حياتي، ما هو ده حظي برضو لا مؤاخذة. 

ماقدرش أنكر إني مبسوطة، وإن يمكن أكتر فرصة تانية كانت جديرة بالاستحقاق أديتها لمكان، لبورسعيد! ولو إني لسه بحب الإسدال المهرول أكتر من أي حتة بزحمته ودوشته ومشاكله، بس أكيد بلدي علمتني كتير، وأخيرًا إديتها بداية جديدة عشان أقع في حبها من الأول. 

Menna Adel El_Tobgy Content Creator/Writer

What do you think?

Written by Editor

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

Comments

0 comments

إزاي تطلبي لنفسك فرصة تانية؟

اتكلمي، إيه إللي مزعلك؟